البُسطـــــار !!!
من منكم لا يعرف البُسطار ؟؟
على كل حال سأحاول أن أشرح لكم تلك الكلمة بما تحتويه ذاكرتي من معلومات عنه، (والبُسطار)، حذاء متين نعله من الكاوتشوك القاسي والسميك، وباقي اجزائه مصنوعة من الجلد الطبيعي، ويحتوي على ثقوب كثيرة من المقدمة لشد (الرباط)، على الرجل (بكسر الراء والجيم)، كما أنه يتحمل كل أنواع الطقس صيفاً وشتاءً، ويرتديه الجنود أيام التدريبات القاسية، والحُروب الطاحنة، كما ترتديه الجيوش التي لا تتعرف الحُروب أيضاً وإنما من أجل الاستعراضات، وتوزيع النياشين، والأوسمة لمن لم يعرفوا شيئاً عن تلك الحروب، وتبقى مهمتها العمل ليل نهار في تلميع مقدمة ذلك الحذاء كي يتفضل حملة النياشين والأوسمة بالتفتيش عليها ومنح أفضل الجوائز لمن يتقن تلميعها أكثر، أو يربي شاربه بشكلٍ كثيف، وتلميع (البُسطار)، تقليد ورثناه عن (الانجليز)، عندما كانوا يغتصبون أراضينا، في حين أن دول (العسكرتاريا)، وفي مقدمتها (اسرائيل)، نجد أن هذا التقليد غير موجود لديهم لأن السلاح يكون ظلاً لجنودهم حتى في الإجازات وله الحق في التنظيف والتلميع ليبقى جاهزاً للاحتلال والقتل في أية لحظة.
قبل أيام كنت في الطريق إلى قريتي القريبة من مدينة رام الله لأخذ عزاء والدي الذي توفي قبل ايام، وكانت أمنيته أن يُدفن في مسقط رأسه في فلسطين، لكن الاغتراب القسري حال دون ذلك، وفي طريق العودة لفت انتباهي (بسطار)، مُلقى على جانب الطريق، فنزلت من السيارة ورحت أتلمسه متسائلاً:
• ترى كم ارضٍ عربية داسها هذا (البُسطار) ؟؟
• وهل هو لمجندٍ أم مجندة ؟؟
• ولماذا ترك أو تركت فردة واحدة ؟؟
• ولماذا الفردة اليُسرى فقط ؟؟
• ربما معنى هذا أن صاحبه أو صاحبته من اليسار الاسرائيلي ؟؟
• بل لعله من اليمين لذا خلع اليسرى من رجله أو رجلها ؟؟
• وربما أحتفظ بالفردة اليُمنى كي يبقى يدوس على اليمين ؟؟
ضحكت وأنا لا زلت أتلمس الحذاء وقلت في سري: ما هذا الغباء ؟؟ وبماذا يختلف اليسار عن اليمين، فاليسار هو الوجه الأقبح لليمين الاسرائيلي، أفقت على أصوات أبواق السيارات وبعض الكلمات النابية، وبعضهم نعتني بالجنون، والبعض استشاط غضباً لأن الطريق (الالتفافي)
سيارة واحدة، حيث أن الطريق الرئيسي الموصل لقريتنا أصبح حكراً على المستوطنين دون سواهم .!