لواندا (ا ف ب):
كتب المنتخب المصري الاحد تاريخا جديدا لكأس الامم الافريقية عندما توج بلقبها الثالث على التوالي والسابع في تاريخه بتغلبه على غانا 1-صفر في المباراة النهائية للنسخة السابعة والعشرين في أنجولا.
لكن الانجاز القاري يأتي في كفة وفك عقدة التأهل الى نهائيات كأس العالم للمرة الاولى منذ عام 1990 في كفة ثانية، اذ يبقى المونديال الهدف الأسمى للفراعنة في المستقبل القريب.
الاكيد ان من الصعب جدا تكرار انجاز المنتخب المصري اقله على المدى المتوسط، ويكفي ان تحقيقه جاء بعد 27 نسخة عن انطلاق البطولة قبل 53 عاما، لتتضح جليا شبه استحالة نجاح اي من المنتخبات القارية في تحقيقه في المستقبل القريب، وسيتم انتظار سنوات وسنوات حتى ينجح جيل ذهبي في معانقة الكأس ثلاث مرات متتالية، وهو ما اكده مهاجم الفراعنة وبوروسيا دورتموند الالماني محمد زيدان عندما قال "المنتخب الذي يرغب في تحطيم رقمنا عليه الفوز باللقب 4 مرات متتالية وهذا شبه مستحيل".
أبهر المنتخب المصري بعروضه الرائعة ولقن الدروس والعبر الى جميع منافسيه خصوصا الموندياليين الاربعة نيجيريا والكاميرون والجزائر وغانا، مؤكدا تربعه على عرش الكرة المستديرة في القارة السمراء في الاعوام الستة الاخيرة.
ضرب المنتخب المصري عصافير عدة بحجر واحد، فهو أسكت منتقديه بعدم قدرته على الاحتفاظ بالكأس واستبعاده من دائرة المنافسة على اللقب حيث ان اشد المتفائلين لم يكن يتوقع تخطيه الدور الاول بسبب المعنويات المهزوزة عقب الفشل في التأهل الى المونديال بالاضافة الى غياب ابرز عناصره محمد ابو تريكة ومحمد بركات وعمرو زكي ومحمد شوقي ومحمد حمص واحمد حسام "ميدو".
لكن هذه الظروف الصعبة وكالعادة كانت بمثابة حافز كبير امام لاعبي المنتخب المصري ومديرهم الفني حسن شحاتة للتفوق على انفسهم فلفتوا الانظار منذ المباراة الاولى امام نيجيريا عندما حولوا تخلفهم صفر-1 الى فوز كبير 3-1، الى المباراة النهائية عندما تغلبوا على غانا 1-صفر، مؤكدين عن جدارة واستحقاق احقيتهم بالوجود في العرس العالمي الصيف المقبل.
وما بين المباراة الاولى والنهائية، حقق الفراعنة ارقاما قياسية ستتحدث عنهم فترة طويلة، من ستة انتصارات متتالية الى سجل خال من الخسارة في المباريات الـ19 الاخيرة في العرس القاري وفوز اول على نيجيريا منذ 1977، واول على الجزائر خارج القواعد وبرباعية نظيفة، وتجديد التفوق على الكاميرون وصيفته 3-1 بعد التمديد في ربع النهائي، ولقب ثالث على التوالي وسابع في التاريخ، وثالث تواليا بقيادة مديره الفني حسن شحاتة الذي بات اول مدرب في العالم يحرز 3 القاب قارية متتالية، ولقب رابع لقائده احمد حسن وحارس مرماه عصام الحضري.
وتوج احمد حسن بلقب افضل لاعب في البطولة وذلك للمرة الثانية بعد عام 2006، علما بأن لقب عام 2008 كان من نصيب حسني عبد ربه، والحضري بلقب افضل حارس مرمى للمرة الثالثة على التوالي، ومحمد ناجي جدو بلقب هداف البطولة برصيد 5 اهداف، كما بات احمد حسن اكثر اللاعبين المصريين والافارقة خوضا للمباريات الدولية بعدما رفع رصيده الى 172 مباراة.
ومرة جديدة، اكد المنتخب المصري ان اللعب الجماعي والروح القتالية والدفاع عن القميص الوطني "خلطة سحرية" مناسبة لتحدي الصعاب وتحقيق النتائج المتوخاة وهو ما اكده نجمه المتألق محمد زيدان صاحب التمريرة الحاسمة التي سجل منها جدو هدف الفوز في مرمى غانا بقوله "انه انجاز رائع وتاريخي ساهم في تحقيقه لاعبون متميزون اثبتوا انتماءهم لبلدهم بفضل روحهم الجماعية والقتالية".
واضاف "لقد اعاد التاريخ نفسه معي، ففي اليوم ذاته من نسخة عام 2008، مررت كرة هدف الفوز في مرمى الكاميرون الى محمد ابو تريكة، انها بطولة تاريخية ستبقى خالدة في الاذهان".
ولم ينس زيدان مرارة خيبة امل المونديال، وقال "لم نهضم حتى الان فشلنا في التأهل الى المونديال، فنحن اسيادة القارة السمراء ويجب ان نكون متواجدين في العرس العالمي"، مضيفا "اعتقد باننا وجهنا رسالة الى العالم بأسره بأننا نستحق المشاركة في المونديال، سنحاول تحقيق ذلك في المرة المقبلة".
وتابع "احرازنا اللقب القاري سيخفف شيئا من احزاننا لاننا على الاقل ظفرنا بلقب قاري عززنا به رصيدنا، سنحضر النهائيات العالمية بارتياح كبير وسنرى ممثلينا في جنوب افريقيا، نتمنى لهم التوفيق لكني متأكد بأنهم مهما حققوا من نتائج جيدة فلن يستطيعوا بلوغ ما ناله الفراعنة".
واذا كان المنتخب المصري افتقد خدمات قوته الهجومية الضاربة خصوصا ابو تريكة، فان نجما اخر سطع في سماء انغولا وانسى الفراعنة والمتتبعين للكرة المستديرة اسم ابو تريكة وهو مهاجم الاتحاد السكندري محمد ناجي جدو "السوبر احتياطي" الذي ابدع في المباريات الست التي لعبها احتياطيا، فسجل هدفا في 5 منها اغلاه في المباراة النهائية وتوج هدافا للبطولة.
وضمت التشكيلة المثالية للنهائيات مرة اخرى 5 لاعبين مصريين هم الحضري ووائل جمعة واحمد فتحي واحمد حسن وزيدان، علما بأن التشكيلة المثالية للنسخة الاخيرة ضمت الحضري وجمعة وحسني عبد ربه وابو تريكة وعمرو زكي.
عموما، كان المنتخب المصري متكاملا ومنسجما في جميع خطوطه ونجح في تأكيد وعوده بالتتويج والتي اطلقها بمجرد وصوله الى انغولا، ويبقى عليه الان تحقيق حلم 80 مليون مصري بالتأهل الى المونديال.
وعن سر المفارقة الغريبة بين التتويج القاري والفشل في التأهل الى المونديال اكد مدرب المنتخب المصري شوقي غريب ان ذلك "يعود لكون تصفيات المونديال تقام على مدى عامين وخلالها نقوم بتغيير التشكيلة اكثر من مرة حيث لا نخوض التصفيات بالمجموعة التي بدأنا بها المشوار، كما ان عوامل كثيرة تحول دون ذلك بينها تجمع اللاعبين قبل 5 ايام من كل مباراة، بينما في العرس القاري او البطولات المحددة المدة فاننا نركز فيها كثيرا ويكون اللاعبون تحت تصرفنا وامام انظارنا نحيط بهم من جميع النواحي سواء في التدريبات او الاكل او الترفيه ونزرع فيهم روح التضامن والقتالية والوفاء للقميص الوطني".
وتابع "سيأتي يوم تأهلنا الى المونديال في القريب العاجل، لا أعتقد باننا سنفوت الفرصة في التصفيات المقبلة، لانه لا يلذغ المرء من الجحر مرتين"، مضيفا "كنا قاب قوسين او ادنى من التأهل الى مونديال 2010، لكننا بالتأكيد سنجحز بطاقتنا الى مونديال البرازيل 2014".
واوضح غريب "ان التتويج بلقب 2010 كان اصعب من النسختين السابقتين لاننا واجهنا منتخبات القارة السمراء في المونديال بالاضافة الى المباراة الساخنة امام الجزائر، وقد نجحنا في تحقيق هدفنا لاننا قلنا من البداية نحن ابطال افريقيا وجئنا للدفاع عن لقبنا".
واردف قائلا "اعتقد بأننا قدمنا صورة مشرفة لكرة القدم المصرية ومباراة نهائية تليق بسمعة الكرة الافريقية"، خاتما بالقول "سنحاول الفوز باللقب القاري في النسخة المقبلة" في الجابون وغينيا الاستوائية عام 2012.