لماذا تنخفض نسبة الكالسيوم في الجسم؟
- تصاب الأعصاب والعضلات عند الإنسان في بعض الحالات بتهيّج فارط يسمى التكزز، فنشاهد مجموعة من الأعراض الجسية والحركية التي تتمركز أكثر على مستوى الأطراف وتتظاهر على شكل نوبات متقطعة غالبا ما يعود سببها إلى انخفاض نسبة الكالسيوم في الدم، سواء بسبب نقص نشاط الغدة الدرقية الذي نسجله عند المولود الجديد من أم مصابة بمرض السكري والذي غالبا ما يكون عابرا، سواء بنقص نشاط الغدة الجنبدرقية الذي غالبا ما يكون عكس الحالة الأولى مزمنا بسبب تضرر الغدة الجنبدرقية·
اما في بعض الحالات الأخرى،
فقد يعود السبب إلى افتقار الجسم إلى الكالسيوم بتدني الحصص الغذائية التي تفتقر لهذه المادة أو بشذوذ عملية الامتصاص على مستوى الأمعاء مثلا في حالة الأمراض البطنية أو أيضا بسبب افتقار الجسم للفيتامين ''D'' الذي هو عنصرا أساسيا لامتصاص الكالسيوم من طرف الجسم·
هذا من جهة، ومن جهة أخرى قد نشاهد ايضا
حالة التكزز هذه دون انخفاض نسبة الكالسيوم في الدم، وإنما هناك اضطرابات أخرى كنقص نسبة المانيزيوم أو البوتاسيوم بسبب تناول مضادات ارتفاع ضغط الدم ''المبولة'' أو أثناء انخفاض الحموضة بسبب القيء المتكرر مثلا···الخ· تتظاهر حالة التكزز عند الراشد وعند الطفل بصفة تلقائية بنوبات متكررة دون أي عامل مسبب وتبدأ بعلامات حسية كالتنمل والمذل ثم تحزّم وتصلب وتقلّص العضلات الحركية مسببة أوجاعا خاصة على مستوى الأيدي والأرجل قد تتطور هذه الأوجاع إلى باقي عضلات الجسم الحركية والأحشاء وتؤدي إلى صعوبة في التنفس أو عدم القدرة على التنفس بسبب تشنج عضلة الحنجرة·
أو قد نشاهد حالات اختلاج تشبه نوبات مرض الصرع محددة على مستوى جهة معينة من الجسم أو عامة تعقبها حالات التكزز· والشيء الذي يلفت الانتباه هنا هو عدم الاستجابة إلى العلاج المعمول به في مرض الصرع الحقيقي، إضافة إلى أعراض شتى مثل الصداع، القلق، الانهيار العصبي، اضطراب النوم، تراجع الذاكرة والذكاء،···الخ وأحيانا أخرى تسارع نبضات القلب وفقدان الوعي أو الإغماء· أن القيام بالتحاليل على الدم والبول لتحديد نسبة الكالسيوم والفوسفور أمر في منتهى الأهمية امام حالة التكزز أو الاختلاج· كما ينبغي القيام بتحديد نسب كل من المانيزيوم والبوتاسيوم في الدم وحتى الصوديوم وثاني كربونات ونسبة الحموضة،···الخ، إضافة إلى مخططات العضلات والمخ والقلب الإلكترونية التي تساعد على تشخيص الداء·
اما النوع الثاني
من التكزز، فهي حالة تشبه الأولى من ناحية الأعراض العصبية والعضلية التي تكون غالبا أكثر تنوع وإثارة وأكثر خطورة من السابقة، لكنها تختلف عن الأولى من ناحية العامل المسبب وطريقة تظاهرها، حيث تحمل هذه الحالة طابعا عصبيا ونفسانيا، وتندمج فيها حالتي العصاب والهستيريا معا ولا نعثر على انخفاض نسبة الكالسيوم في لدم وكثيرا ما تبقى الأعراض خفية حتى يظهر العامل الذي يسبب تظاهرها فجأة· نشاهد في هذه الحالة المزمنة والخفية عند توفر العامل المسبب مجموعة من الأعراض أولها تخص الأعصاب والعضلات على شكل تشنج وهزات وارتجاف وأخرى نفسانية على شكل عياء وتأثر وتهيّج وانهيار ثم اعراض داخلية كتشنج الأحشاء وتسارع نبض القلب وأوجاع صدرية وصعوبة في التنفس···إلخ أو قد نشاهد أحيانا أيضا أوجاع تشبه التهابات المفاصل والعظام أو تكسر العظام·
ومن العوامل التي تسبب تظاهر هذه الحالة المرضية
المختلفة عن التكزز المحض هي الولادة، الرضاعة، الاضطرابات الهضمية، الإسهال المزمن، الصدمات النفسية، الحوادث، الإرهاق،···الخ لكن ما يلفت الانتباه في هذه الحالة هو حفاظ المريض على وعيه أثناء النوبة·
قد تتبع أحيانا هذه الحالة بأعراض جلدية وتسوس الأسنان وتكسر الأظافر والشعر أو إصابة العين بتكثف عدسة العين·
ينبغي في كل من الحالتين المذكورتين البحث في بادئ الأمر عن السبب المباشر أو غير المباشر كنقص في الكالسيوم أو تضرر غددي أو سوء التغذية أو مرض باطني أو صدمة نفسية···الخ من أجل تفادي تكرر النوبات ثم القيام بتهدئة المريض وأفراد عائلته والشروع في معالجة النوبة التي قد تتطلب الكالسيوم، إضافة إلى المهدئات العصبية، دون أن ننسى معالجة المرض المسبب في حالة وجود هذا الأخير، كما يحتاج المريض بالتكزز إلى معالجة نفسانية تحقق نتائج مشجعة وتساعد على إبعاد النوبات وأحيانا شفائها·