السؤال
سؤال أنا محتار فيه جدا وأرجو من الله ثم من حضراتكم أن توضحوا لى الحقيقة كى يطمئن قلبى –وهو: أنني شاب أعمل فى إحدى الدول العربية ومتزوج ولكن زوجتى ليست معي، وأنا عموما لا
أطول في غربتي وسريعا ما أنزل تقريبا كل ستة شهور ولكن هذه المرة بعد ما سافرت زوجتي طلبت مني ألا أزيد عن الست شهور وتؤكد علي بشدة، ولكن المشكلة هنا أنني كنت أنوي أن أذهب لحج بيت الله الحرام هذا العام إن شاء الله وهذا كان يستدعي أن أظل فى الغربة تقريبا معدل سنة بعيدا عن زوجتي وأهلي وبعد ذلك أستقر فى بلدي لأن الذهاب من بلدي للحج أمر صعب. ففي هذه الحالة لا أدري إذا سافرت لبلدي على موعدي فمن الصعب أن أحج وإن لم أسافر لزوجتي أخاف عليها من الفتنة بالرغم من أن زوجتي والحمد لله تعرف دينها وربها وفى نفس الوقت خائف إن سافرت ولم أحج فيحاسبني ربي على أني قصرت فى فريضة من فرائضه وأنا حائر جدا أرجو منكم الإفادة أرجو الرد السريع؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس للزوج الحق في أن يغيب عن زوجته أكثر من ستة أشهر إذا طلبت قدومه كما بيناه في الفتويين: 10254 ، 125105 . وغياب السائل عن زوجته أكثر من هذه المدة لا يخلو من حالين:
الأول : أن يكون غير مستطيع للحج ولكنه سيبقى لأجل تحصيل ما يمكنه به الحج من المال, وهذا يسمى تحصيل ما يتم به الواجب أو تحصيل شرط الوجوب, ولا يجوز للسائل في هذه الحال أن يتأخر أكثر من ستة أشهر عن زوجته إذا طلبت قدومه لأن تحصيل شرط الوجوب – أي الاستطاعة للحج - ليس بواجب, وعودته إلى زوجته أمر واجب فلا يقدم ما ليس بواجب على الواجب.
جاء في المسودة في أصول الفقه لآل ابن تيمية : .. ولا يجب تحصيل شرط الوجوب .. اهـ .
وقال صاحب المراقي:
شرط الوجوب ما به نكلف**** وعدم الطلب فيه يعرف
مثل دخول الوقت والنقاء**** وكبلوغ بعث الأنبياء.
الثاني: أن يكون مستطيعا أصلا ولكن سيوافق وقت رجوعه موسم الحج فهنا يجوز له الذهاب للحج ولو أدى ذلك إلى التأخر أكثر من ستة أشهر لأن غيابه هذا لعذر شرعي, فجاز له ذلك.
قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وَإِنْ سَافَرَ عنها أَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَطَلَبَتْ قُدُومَهُ لَزِمَهُ ذلك إنْ لم يَكُنْ عُذْرٌ, قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَرْبٍ قد يَغِيبُ الرَّجُلُ عن أَهْلِهِ أَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِيمَا لَا بُدَّ له منه, قال الْقَاضِي مَعْنَى هذا أَنَّهُ قد يَغِيبُ في سَفَرٍ وَاجِبٍ كَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ فَلَا يُحْتَسَبُ عليه بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فيها لِأَنَّهُ سَفَرٌ وَاجِبٌ عليه, قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَالْقَاضِي جَعَلَ الزِّيَادَةَ على السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ لَا تَجُوزُ إلَّا لِسَفَرٍ وَاجِبٍ كَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَنَحْوِهِمَا .. اهـ .
وقال ابن مفلح الحنبلي في المبدع : وسئل أحمد كم للرجل أن يغيب عن أهله قال يروى ستة أشهر وقد يغيب أكثر من ذلك لأمر لا بد له منه ويلحق بذلك الحج .. اهـ .
والله أعلم.
المصدر إسلام ويب